ما الحكمه من ايراد القصص القراني

ما الحكمه من ايراد القصص القراني

ما الحكمه من ايراد القصص القرانية سؤال يدور في ذهن كلّ مسلم يتلو القرآن الكريم ويمرّ بقصصه المتعددة التي تروي لنا تاريخ الأنبياء وحكمًا مرّت بها الأمم السابقة، فلطالما كانت القصة هي الأقرب للقلوب والمشاعر والعقول، فكانت الطريق الأقصر لإيصال الحكمة والموعظة عبر التاريخ، وإنَّ في اتخاذ أسلوب القصة في القرآن الكريم بيان لعظمته و إعجاز كلماته، وفيما يلي سنتعرّف من مقالتنا هنا على مفهوم القصة القرآنية، وما الحكمة من ايراد القصص القراني.

في الإسلام قصص القرآن هي القصص التي أخبر بها الله في القرآن عن أحوال الأمم الماضية  والنبوات السابقة، والحوادث الواقعة   وقد اشتمل القرآن على كثير من وقائع الماضي، وتاريخ الأمم، وذكر البلاد والديار  وتتبع آثار كل قوم، وحكى عنهم صورة ناطقة لما كانوا عليه وذلك لقوة تأثيرها في إصلاح القلوب والأعمال والأخلاق

مفهوم القصص القرانية و ما الحكمه من ايراد القصص القرانية

القصة هي أسلوب أدبي يتّبع مبدأ السرد، يهدف لإخبار حكاية أو حدث معيّن، وقد تفرّد القرآن الكريم بإخبارنا قصص الأولين، ورواية تجاربهم التي مرّوا بها، وإيصالها لنا بطريقة فريدة؛ ليمحنا فرصة التفكّر والتأمل بتجاربهم، والاتعاظ من أخطائهم، والتعلم من الخبرات التي مرّوا بها، وقد أنزل القرآن الكريم على نبيّنا محمد-صلّى الله عليه وسلّم- أحسن القصص وأصحّها، وأكثرها قربًا للقلوب، فقد قال تعالى في كتابه الكريم:

”حْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ”، وقد أوضح القرآن الكريم كل ما غاب عبر السنين وطمس فيها، ويبيّن الحقائق عن قصص الأمم بما فيها من خير وشر، وصلاح وفساد، وعاقبة كل سلوك من سلوكات الإنسان، والمعجزات التي حصلت مع الأنبياء،ومعاناتهم في نشر الرسالات السموية، ومد الأذى الذي تعرضوا له في سبيل الله تعالى، كما بيّنت لنا قصص القرآن الكريم الظواهر الاجتماعية الغريبة التي خاضتها الشعوب في السابق

طريقة عرض القصص القرانية

للقرآن في طريقة عرض القصص صور متعددة:

  • يسرد القصة من أولها إلى آخرها كما في سورة يوسف.
  • يعرض جانبا من القصة في سورة والجانب الآخر في سورة أخرى.
  • يعرض السورة مرة مبسوطة ومرة مقبوضة، ويراعي مكان العبرة ومقتضى المقام والغرض من القصة.

فوائد ذكر القصص القرانية

  • التحذير من وقوع المسلمين فيما وقع فيه بنو إسرائيل
  • لأنها جمعت ذكر الأنبياء، والصالحين، والملائكة، والشياطين، والأنعام، وسير الملوك، والمماليك، والتجار، والعلماء، والرجال، والنساء، وحيلهن، وذكر التوحيد، والفقه، والسرّ، وتعبير الرؤيا، والسياسة، والمعاشرة، وتدبير المعاش، والصبر على الأذى، والحلم والعزّ، والحكم، إِلى غير ذلك من العجائب.
  • ليس مقصوده مقصوراً على ذكر الأولين فقط بل كل قصة منه إنما ذكرت لما يلحق هذه الأمة في أمد يومها من شبه أحوال من قص عليهم قصصه.
  • لا يراد بها سرد تاريخ الأمم أو الأشخاص، وإنما هي عبرة للناس.
  • ليست مخترعة ولا مفتراة، بدليل وجود أمثالها بين الناس، قبل نزوله.
  • جميعها مملوءة بالحكم.
  • جعلها كالتمهيد لتفسيرها.
  • آيات بينة على صدق دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم ونذر عظيمة مما فيها من بيان سنن الله تعالى في الأمم، وعاقبة أمرهم مع الرسل.
  • تبين سنن الله في خلقه مع الأقوام الذين كذبوا الرسل وكان عاقبة أمرهم الدمار والنكال.
  • بيان أصول الدين المشتركة بين جميع الأنبياء من الإيمان بالله وتوحيده وعلمه وحكمته وعدله ورحمته والإيمان بالبعث والجزاء.
  • بيان أن وظيفة الرسل تبليغ وحي الله لعباده فحسب، ولا يملكون وراء ذلك نفعا ولا ضرا.
  • بيان سنن الله في استعداد الإنسان النفسي والعقلي لكل من الإيمان والكفر والخير والشر.
  • بيان سنن الله في الاجتماع وطباع البشر وما في خلقه للعالم من الحكمة.
  • آيات الله وحججه على خلقه في تأييد رسله.
  • نصائح الأنبياء ومواعظهم الخاصة بكل قوم بحسب حالهم كقوم نوح في غوايتهم وغرورهم، وقوم فرعون وملئه في ثروتهم وعتوهم، وقوم عاد في قوتهم وبطشهم، وقوم لوط في فحشهم.
  • فإن أمكن أن يكون كل هذا حديثا مفترى، فان مفتريه يكون أكمل منهم جميعا علما وعملا وهداية وإصلاحا، فما أجدرهم أن يتبعوه، وما أحقهم أن يهتدوا بهديه.
أهداف القصص القرآني

القصص المذكورة في القرآن

قصص الأنبياء والرسل

القصص القرانية قصة النبي آدم

القصص القرانية قصة النبي نوح

القصص القرانية قصة النبي هود

القصص القرانية قصة النبي صالح

القصص القرانية قصة النبي إبراهيم

القصص القرانية قصة النبي إسماعيل

القصص القرانية قصة النبي لوط

إسحاق

يعقوب

يوسف

الأسباط

أيوب

ذو الكفل

شعيب

يونس

موسى

هارون

يوشع بن نون

صموئيل

داود

سليمان

زكريا

عيسى

يحيى

إلياس

اليسع

قصص الحكماء

لقمان الحكيم

ذو القرنين

الخضر

عزير

حبيب النجار

قصص النساء

حواء

آسية بنت مزاحم

امرأة نوح

امرأة لوط

زليخة

مريم

هاجر

سارة

رحمة أو ليا بنت أفرائيم

سمية بنت خياط

أم كلثوم بنت عقبة

أم جميل

بلقيس

ما الحكمه من ايراد القصص القرانية (قصص الأقوام)

قوم ثمود

قوم عاد

قوم تبع

أصحاب الرس

أصحاب القرية

أصحاب السبت

أصحاب الجنة

أصحاب الأيكة

أصحاب الأخدود

أصحاب الكهف

سد مأرب

أجمل قصص القرآن الكريم

ما الحكمه من ايراد القصص القرانية (قصص الظالمين)

فرعون

هامان

قارون

نمرود

جالوت

قابيل

السامري

أبرهة الحبشي

بلعام بن باعوراء

أبو لهب

اقرأ أيضاً: سوره العلق

ما الحكمه من ايراد القصص القرانية (قصص الحيوانات)

أصحاب الفيل

بقرة بني إسرائيل

ناقة صالح

نملة سليمان

حوت يونس

حمار العزيز

غراب ابني آدم

كلب أهل الكهف

دابة الأرض

هدهد سليمان

كبش إسماعيل

أنواع قَصص القران

تعدّدت تقسيمات أهل العلم لأنواع القصص في القرآن الكريم تبعاً للمنهج الذي بنوا عليه تقسيمهم، ومن هذه التقسيمات ما يأتي: التقسيم الأوّل: وذهب إليه الشيخ منّاع القطّان في كتابه (مباحث في علوم القُرآن)، وفيه أنّ القصّة في القُرآن الكريم جاءت على أنواعٍ ثلاثة، وهي: قصص الأنبياء وما واجهوه في دعوتهم إلى الله من تصديق وتكذيب الناس لهم، وفي ذلك بيانٌ لمُعجزاتهم، كقصّة نوح، وموسى، ومُحمد -عليهم الصلاة والسلام-، والقصص التي تتحدّث عن أحداثٍ سابقة، أو أشخاص من غير الأنبياء، كقصّة ابنَي آدم، وأهل الكهف، وغيرهم، والقصص التي تتحدّث عن الأحداث التي وقعت في زمن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، كرحلة الإسراء والمعراج، وأحداث غزوة بدر، وغيرها.

التقسيم الثاني: ذهب خليل بن عبد الله الحدري إلى أنّ القصص في القُرآن تُقسَم إلى نوعَين؛ الأوّل: قصصٌ مُشاهَدة؛ وهي التي حدثت في زمن النبوّة، كالغزوات، حتى وإن كانت غيبيّة لِمَن بَعدهم، والثاني: قصصٌ غيبيّة؛ إمّا مُتعلِّقة بالأنبياء، أو غير الأنبياء، أو الأُمَم السابقة، أو الكلام عن قصص غيبيّة حاضرة، كالملائكة، والجنّ، أو أُمور غيبيّة مُستقبَليّة، وهذه القصص تتنوّع بحَسب الهدف منها، والموضوع الذي تُبيِّنُه؛ فتكون أحياناً قصيرة؛ من خلال العَرض السريع لأحداث القصّة، أو طويلة، كقصّة نبيّ الله يوسف -عليه السلام-؛ من خلال التفصيل فيها؛ إمّا بمَشهدٍ واحد، أو في عدّة سورٍ وأجزاء.

سِمات قَصص القران وخصائصها

سِمات قَصص القرآن تُعَدّ القصّة القُرآنيّة كلام الله -تعالى-، ولذلك تمتاز بعدّة سِماتٍ، منها ما يأتي: أحسن القصص: وقد جاء بيان هذه السّمة في قوله -تعالى-: (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ) ويتمثّل هذا الحُسُن بعرض القصص بأسلوب تصويري وجمالي مؤثر ومعجز، كما يظهر في الحُسُن الموضوعي والأخلاقي؛ فلا يعرض إلا حقّاً، ولا يُخبِر إلا صدقاً، ويمتاز بتقديم القصص مقرونة بالعبرة والعِظة، وحافلة بالدلالات العقدية والدعوية والتاريخية والأدبية، وغيرها. أصدق القصص: وقد وردت هذه السِّمة في قول الله -تعالى-:

(إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ ۚ وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إِلَّا اللَّهُ ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)،وسِمَة الصّدق في القصص القرآني تشمل المعنى والمضمون والمحتوى على اختلاف موضوعاتها العقدية أو الدعوية أو التشريعية وغيرها، ولا يخفى أنّ الآية السابقة جاءت في سياق آيات أخرى تُقرّر أنّ عيسى -عليه السلام- عبد الله ورسوله، وليس ابناً له، كما تدّعي النصارى عن عيسى بن مريم، وفي هذا إشارة جليّة أنّ كلّ ما خالف قصص القرآن فهو زور وباطل خصائص قَصص القرآن يمتاز القصص القرآني بمزايا كثيرة عن غيره من القصص، ومن ذلك:

الربّانية: وذلك من حيث المصدر؛ فهي وَحيٌ من عند الله -تعالى-، لا يأتيها الباطل، ولا النَّقْص، وهذه الخاصّية باقيةٌ إلى قِيام الساعة الثبات: وينبع ثباتها من السنن الإلهية التي تحكم الكون وحياة النّاس؛ فلا يطرأ على عظاتها وعبرها ودلالاتها أيّ تغيير أو اضطراب مع تعاقب الزمن وتقلّب ألوان الحياة.

الشُّمول: وذلك من حيث شمولها لما يحتاجه المرء من مُتطلَّبات النجاة في الدنيا والآخرة التوازُن: وذلك من حيث تحقيق التوازُن في العمل للدُّنيا، والآخرة؛ لقول الله -تعالى-: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّـهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّـهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ).

الواقعيّة: وذلك من حيث تعامُلها مع الواقع، وما يحصل فيه، بعيداً عن التصوُّرات الوهميّة التي لا وجود لها، وعن الأساطير التي يخترعها الإنسان في خياله.

القصص القرانية

الإيجابيّة: وذلك بالحَثّ على العمل في شؤون الحياة جميعها، مع عدم التغافُل عن الآخرة، وأداء حَقّ الأمانة في التعامُل مع الآخرين الخُلو من الدلالات والإيحاءات: وذلك لأنّها تأتي مُباشِرة، وواضحة في بيانها العِبرةَ المُراد توضيحها أهداف قصص القرآن ذكرَ الله -تعالى- القصص في القُرآن لأهدافٍ كثيرة، ومنها ما يأتي:الدلالة على التوحيد، وهو أهمّ هدف لها، كقصص الأنبياء مع أقوامهم، وبيان قدرة الله -تعالى- المُطلَقة في الخَلق، كقصّة آدم -عليه السلام تثبيت النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، ومَن معه على الحقّ، وحَثّهم على الصبر فيما يجدونه من أذى؛ قال -تعالى-: (وَكُلّاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ).

بيان الحُكُم في الاختلاف الذي يُمكن أن يقع في قصص التوراة، والإنجيل الإقناع وإقامة الحُجّة على كلّ مَن خالف دعوة الأنبياء، والردّ عليهم بيان أُصول الدعوة؛ من خلال بيان شرائع الأنبياء، وتصديقهم، وتخليد ذِكرهم بيان ما كَتَمه أهل الكتاب من الهُدى مَنهج القصص في القرآن للقصّة القُرآنية مَنهج مُختلف عن القصص الأُخرى؛ لأنّها تُركّز على أغراض دينيّة، وأهدافٍ سامية، ويظهر ذلك بمظاهر عدّة، وفيما يأتي بيان بعضها:الاقتصار في القصّة على الغاية المقصودة منها؛ وذلك بالتقليل من ذِكر الأحداث التاريخيّة، كقصّة أصحاب الكهف

إذ لم تذكر القصّة تاريخهم، أو تاريخ أقوامهم، أو نَسَبهم، أو غير ذلك تقديم النصيحة والعِبرة للناس من خلال القصّة، وهو من المظاهر الواضحة والعامّة في قصص القُرآن الكريم جميعها، كقصّة أصحاب الكهف؛ إذ إنّها قدّمت النصيحة والمَوعظة من خلال أحداثها.

العَرض التقريبيّ: وذلك من خلال طَرح القصّة بأُسلوب قَصصيّ مُشوِّق، وعدم ذِكرها، أو سَرْدها فقط التنوُّع في مُقدِّمات القصص، والبَدء بالمَشاهد التي تلفت أنظار الناس إليها؛ لتشويق القارئ، وتركيز اندماجه فيها.

العَرض التمثيليّ؛ وذلك من خلال إظهار بعض المَشاهد، وإخفاء بعضها الآخر؛ لإفساح المجال للعقل؛ للتخيُّل الحِكمة من تكرار قصص القرآن تناول المفسرون والمحقّقون في علوم القُرآن مسألة تكرار بعض القصص في سور القرآن وآياته، ووقفوا على حِكَم عظيمة ودلالات كبيرة لذلك، ومن جملة ما ذكروه ما يأتي: اختلاف مناسبات ذكر القصة؛ فعندما يأتي ذكر القصة للدلالة على غرضٍ مختلف عمّا جاءتْ به في موضع آخر لا يعد ذكرها مع غرضها الجديد تكراراً لها، بل إضافة لمعنى آخر ودلالة مختلفة.

بيان بلاغة القرآن، إذ إنّ من خصائص البلاغة إبراز المعنى الواحد في صور متعدّدة، والقصة القرآنية تأتي عند تكرارها بأسلوب يختلف عن الآخر، وتصاغ في قالب جديد، ولذا يشعر القارئ بأنّه يقف على أحداث جديدة، بل تتحصّل في نفسه معانٍ لا تحصل له بقراءتها في المواضع الأخرى.

إظهار قوة الإعجاز، حيث إنّ إبراز الحدث أو المشهد في صور مختلفة مع عجز العرب -وهم أهل البلاغة- عن الإتيان بصورة منها أبلغ في تحدّيهم وكشف عجزهم.

وإضافة إلى ما سبق؛ فإنّ تكرار القصص بمشاهد متعددة وأساليب مختلفة فيه ترسيخ لأصل الإيمان، وهو وحدانية الله -تعالى-، وفيه إثبات لنبوّة الأنبياء، وترسيخ لنبوة النبي -صلى الله عليه وسلم- وتسلية لقلبه، وتذكيرٌ بالحاجة إلى الاعتبار من أخبار الأمم السابقة، وغير ذلك الكثير

القِيَم التربويّة في قصص القرآن قصَّ الله -تعالى- في القُرآن الكثيرَ من القصص، وهذه القصص وسيلةٌ للتربية؛ وذلك من خلال توجيهها؛ لإصلاح الفرد، والجماعة، ولِما فيها من عِظةً وعِبرة، كما أنّ فيها اكتساباً للأخلاق الفاضلة من قصص الأنبياء، كقصة يوسف -عليه السلام- التي تُؤكّد على أهمية العِفّة وكَبح الشَّهوة، وقصّة ابنة النبيّ شُعيب -عليه السلام- التي تؤكّد على الحياء والوقار، وهكذا في قصص القُرآن الكريم جميعها.

القصص القرانية و قصص الأنبياء

إن حياة الأنبياء وسيرتهم في أقوامهم وحواراتهم مع مخالفيهم وكل ما يتعلق برسالاتهم هي أحد المواضيع التي اهتم بها القرآن الكريم وربما تعد أحد ثلاثة محاور رئيسية تدور عليها آياته ، وهذه ا لمحاور هي :

أ. العقائد و المعارف والقيم الإيمانية .

ب. القوانين والأحكام .

ج. قصص الأنبياء وحواراتهم .

وربما يحتضن القسم الثالث سابقيه ، ففي قصص الأنبياء وحواراتهم آيات حول المعارف والأحكام والعقائد والقيم ، وبذلك يحتل المحور الثالث المكانة العلياء في ضرورة فهم القرآن .

ولأجل هذه الأهمية القصوى انبرى عدد من المفسرين العظام لتفسير ودراسة الآيات التي تستعرض حياة الأنبياء ، تفسيراً ترتيبياً (حسب ترتيب السور) أو تفسيراً موضوعيا ، حيث خصوا القصص بالتأليف وأفردوها بالتصنيف ولو تصدى بعض الباحثين لجمع ما كتبه علماء الإسلام في هذا الحقل باللغات المختلفة لشكل مكتبة ضخمة من الكتب والموسوعات ( القصص القرانية ) .

ويكفي في ذلك مراجعة (كشف الظنون) للكاتب الجلبي و«الذريعة» لشيخنا الطهراني ، لمعرفة جانب مما ألف في هذا الموضوع .

وهذا هو زميلنا المغفور له الشيخ غلام رضا عرفانيان ، الذي حقق كتاب «قصص الأنبياء» لقطب الدين الراوندي (لمتوفى ٥٧٣هـ) وصدره بمقدمة أورد فيها أسماء ١٧٤ كتابا في قصص القرآن ، ومع الأسف أن أكثرها مخطوطة لم تر النور ، والمطبوع منها قليل .

وهذا العدد هو ما توصل إليه ذلك الكاتب ، بجهده الفردي ولو تشكلت لجنة علمية ترصد الفهارس وتنقب عما في المكتبات من نسخ خطية لجاء العدد أكبر مماً ذكر بكثير ، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على اهتمام العلماء بتفسير هذا القسم من الآيات تفسيراً موضوعياً لا ترتيبياً وبذلك نستكشف أن للتفسير الموضوعي عند المفسرين جذوراً تمتد إلى أمد بعيد ، ذلك أنهم اهتموا بهذا النمط في بعض الحقول ، كآيات الأحكام وقصص القرآن ، حيث جمع بعضهم الآيات التي تدور حول الطهارة أو الصلاة أو الصوم في مكان واحد ثم أخذ يفسرها مرة واحدة وبشكل مترابط ، كما أنهم جمعوا وفسروا الآيات التي تدور حول حياة الأنبياء وجهادهم .

والقصص ، بالفتح : اسم بمعنى الأثر ، وبالكسر : جمع قصة ، وفي الذكر الحكيم : {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ} [يوسف : 3] : أي أحسن الأثر

قال الراغب : القصص : الأخبار المتتبعة ( القصص القرانية ) .

فنحن إذا قمنا بدراسة القصص القرآنية على نسق التفسير الموضوعي ، فهي علم له موضوع وله غاية كما وله خصائص ، وإليك بيان هذه الأمور الثلاثة على وجه الإيجاز.

unnamed 1

١. موضوع القصص القرانية

يتخذ القرآن الكريم من حياة الأمم السابقة وحركة أنبيائه (عليهم السلام) ، محوراً لدراساته ، وهذا يفترق عن منهج جل المؤرخين الذين يتناولون حياة الملوك وأصحاب السلطة موضوعاً للبحث والدراسة ، وربما يغالون في نشاطاتهم وعطاءاتهم ، بل يغالون في إضفاء الطابع الأخلاقي على تصرفاتهم على نحو لا يصدقه العقل ولا تؤيده الشواهد .

ولذلك عاد التاريخ عند الشرقيين تاريخ الملوك و الحكام ، مع أنه كان يفترض بهم – بعد أن أشرقت الأرض بنور القرآن الكريم – التوفر على دراسة حياة الأمم والتاريخ الإنساني على ضوء حياة الأنبياء وحياة أقوامهم منذ أن نزلت الهداية الإلهية على الإنسان ، وهذا ما نتمناه ، ولعل الله يقيض بعض الغيارى للقيام بهذا العبء الجليل .

إن القرآن الكريم لم يذكر إلا القليل من الأنبياء ، إذ بلغ عدد من تعرض لذكر حياتهم ودورهم في أمهم التي بعثوا لهدايتها نحو (٢٥) نبياً ، وإلى هذه الحقيقة ، أشار سبحانه بقوله : {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ} [غافر : 78] ومع ذلك فإن فيما ورد في قصصهم غنى وكفاية لما فيها من عبر و عظات ودروس تستجلى من مواقفهم ، وأهم محطات حياتهم ، ومآل أقوامهم وما أصابها من بأساء وضراء ، جزاء لما اقترفوا من أعمال .

ولم يقتصر القرآن الكريم على بيان الأحداث التي جاد بها الزمان في بيئات محدودة ، بل تعرض للأحداث التي جرت في العواصم الكبيرة والمدن البعيدة ، ولذلك عبر عنها ب«أنباء القرى» قال تعالى : {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ} [هود : 100] .

وبما يحسن ذكره أن القرية في مصطلح القرآن الكريم هي النقطة المعمورة ، سواء أكانت صغيرة أم كبيرة حتى أنه عبر عن مصر الفراعنة بالقرية ، قال تعالى : {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا} [يوسف : 82] ، وهذا إن دل على شيء فإنا يدل على امتداد دائرة التبليغ السماوية للأنبياء وشموله لكافة أرجاء المعمورة قال سبحانه : {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ} [فاطر : 24] .

وكان الأنبياء يتخذون من أم القرى – التي هي العاصمة — مركزاً لتبليغهم حتى تتم الحجة على أهل القرى المحيطة بها من مختلف المدائن والأمصار ، يقول سبحانه : {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا} [القصص : 59] ، لوجود الصلة بين أم القرى ، وفروعها .

٢. غايات القصص القرانية

إن الاطلاع على حياة الماضين والوقوف على آثارهم ومعرفة ما ألم بهم من الحوادث والكوارث ، مثار العظات ومصدر العلم بالسنن الإلهية في تكوين الامم وإصعادها وإهباطها . ولذلك تجد كل إنسان يميل إلى التاريخ وكل يتحرى منه غاية تناسبه ومقصداً يخصه (القصص القرانية) .

والغاية التي تهدف إليها القصص القرآنية تأتي في سياق الهدف القرآني العام الذي يتمثل في الدعوة إلى الله تعالى وإلى اتباع منهجه الذي اختطه للإنسان وسعادته ورقيه والتحذير من العصيان وتنكب طريق الإيمان وتكريساً لهذا الهدف ، جاءت القصص القرآنية من أجل إيقاف الإنسان على حياة الأمم السالفة وعوامل عزتها ومنعتها ، أو هبوطها وسقوطها ، وبالتالي الوقوف على سنن اله سبحانه في تاريخ الأمم ، والتي تفضي إما إلى تكريم وإعزاز أو إبادة وإهلاك .

أما القصص التي ينسجها الخيال البشري و القصاصون المحترفون فلها غايات تباين غاية القصص القرآنية ، إما في نمط الغاية أو في سعتها وشمولها ، فالكثير من القصص ينشد تحريك المشاعر باتجاه أغراض محدودة حتى وإن كانت خيرة أو مؤقتة كاللذائذ المادية ، وقد ترمي إلى تأجيج الغرائز الحيوانية عند الإنسان إلى غير ذلك من الغايات المتدنية .

فهذا أبو القاسم الفردوسي صاحب الملحمة الفارسية الكبيرة و المسماة بـ (( الشاهنامه)) قد أمضى ثلاثين سنة في نظمها واشتملت على ستين ألف بيت ، وكانت الغاية التي يقصدها هي المفاخرة بالآباء والأجداد ، وذكر ما خاضوا من معارك دامية مع أعدائهم ، وهذه الملحمة وإن كانت تحمل جوانب أدبية ممتازة لكنها كانت مهتمة بجانب ضئيل من الحياة (القصص القرانية) .

quran fact 1091x520 c

وأما الغايات التي يريدها القرآن الكريم في قصصه ، فهي على طرف النقيض من أهداف القصص الخيالية ويمكن تبيين غاياتها كما يلي :

أ. الدروس والعبر من القصص القرانية

تحدث القرآن الكريم عن حياة الأمم بألوانها المختلفة وأشار إليها وهي في أوج رقيها ، وذروة قوتها وعظمتها ، ثم لفت الأنظار إليها وهي تأخذ بالانحدار إلى قعر الذل والهوان ومن خلال هذا السرد التاريخي لحياة الأمم ، تتجلى لنا الأسباب الكامنة وراء النصر والظفر أو الهزيمة والفشل ، والعوامل التي أدت بهم إلى هذا المصير ، وبذلك يقتطف المتدبر النصائح والعبر النافعة (القصص القرانية) .

ومن هنا صارت القصص القرآنية خير ذكرى للمؤمنين ، كما قال تعالى : {وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} [هود : 120] .

أو سبباً لتحريك التفكير الإنساني {فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الأعراف : 176] ، أي يتخذون القصص عبرة في حياتهم حتى يتحرزوا عن المزالق والمهالك .

ب. وحدة هدف الأنبياء و القصص القرانية

تشهد الآيات القرآنية على أن الهدف الوحيد من بعث الأنبياء هو نشر التوحيد في العبادة بين الناس ، لأنه ليس في صحيفة الوجود منهو أهل للعبادة غير الله تعالى ، فكان لزاماً على الإنسان أن يعبده ، ويجتنب الطاغوت . قال سبحانه : {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل : 36] .

وأما سائر مراحل التوحيد من التوحيد لذاتي والتوحيد لربوبي ، فإنها وإن كانت ذات أهمية بالغة ، بيد أننا نرى الأنبياء قد ركزوا على التوحيد في العبادة ، وما ذاك إلآ لأن الانحراف عنه ، كان هو الأمر الغالب دون المراتب الأخرى .

فإذا تمعن الإنسان في قراءة الآيات الكريمة الواردة حول حوار الأنبياء ودعوتهم يجد أنهم كانوا ذوي مشروع واحد ودعوة مشتركة حيث كانوا يركزون على أمر واحد وهو التوحيد في العبادة كما قلنا ، كما أن طواغيت أعصارهم كانوا يركزون على الشرك فيها ، وهذا يدل على أن الجميع ينطلقون من مصدر واحد إلى هدف فارد (القصص القرانية) .

ومن أجل هذا أمر سبحانه المؤمنين بعدم التفريق بين الرسل بقوله : {لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} [البقرة : 285] .

ج. تثبيت فؤاد النبي (صلى الله عليه وآله) نجده من خلال القصص القرانية

تعرض الأنبياء والرسل لأنواع الشدائد ، وصنوف الأذى والتنكيل من أقوامهم ، حتى لقد سفكت دماء فريق منهم على مذبح الهداية والدعوة إلى الحق والخير .

(القصص القرانية) وقد اقتضت حكمته تعالى إيراد أنباء هؤلاء الرسل وذكر قصصهم لتثبيت كلب النبي (صلى الله عليه وآله) وحثه على المضي في درب الدعوة والتبليغ ، وتقوية عزمه على ما يلقاه من إعراض وجحود واستهزاء وأذى كبير من قومه ، وتذكيره بسنته تعالى في أنبيائه الذين لم يظفروا بثمرة النصر إلا بصبرهم على أشواك الطريق ومصاعبه .

وإلى هذه الغاية يشير قوله سبحانه : {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ} [هود : 120]

هذه غايات ثلاث تهدف إليها القصص القرآنية ، وهناك غايات أخرى نوكل بيانها الى محل آخر .

فلنرجع إلى الأمر الثالث وهو بيان خصائص قصص القرآن وميزاتها (القصص القرانية) .

Advertisements